الخميس، 30 يوليو 2020

مذكرات استاذ جامعي(حبر على ورق) /بقلم الاستاذ/أ.. د.. / َحمد موسى


"من مذكرات استاذ جامعى"

" حبر على ورق"

         عندما تبلغ منتهى السلم الجامعي الوظيفى ، قد يعتقد البعض أنه قد فعل في الحياة كل شيء ، ولان العلم لا نهاية له لذلك ينظر العلماء إلى كل إنجاز على أنه سوف يصبح بعد قليل عملاً قديماً ، وعندما تجلس في مكتبك وحولك عشرات الكتب التي ألفْتَها ومئات الأبحاث التي شاركت في عملِها ، وتحسب سنوات العمر التي أمضيتها حتى تدار المطابع لتخرج هذه الكتب ، هنا سوف تقول عشرات السنوات الأن هي "حبر على ورق" ، وتقول وأنت تضحك أنهم عظماء هؤلاء الذين أخرجو للبشرية إختراع الطباعة ، والذي به إستطاع الإنسان أن يسجل تاريخ الإنسانية ، وفي مكتبتي مئات الكتب في كل شيء ووجدتني أبحث في المكتبة عن تاريخ الطباعة ، وكانت سعادتي كبيرة عندما وجدت كتاباً يتناول هذا الفن الرائع والشاهد على عظمة الحركة الإنسانية على مر العصور ، (ويعتبر لبنان أول بلد عربي عرف الطباعة ، حيث قررت روما تأسيس مطبعة في الشرق العربي لنشر المذهب الكاثوليكي ، فأقاموا مطبعة قرب طرابلس في دير قزحيا وقد طبع في هذه المطبعة كتاب واحد بالسريانية هو (المزامير) ثم اندثرت تلك المطبعة ولم يعد لها وجود ، وفي عام 1706م عرفت سورية الطباعة لكنها ظلت بدائية لسوء الحالة الاقتصادية والثقافية ، ويشار إلى أن بطريرك الروم أثناسيوس الثالث (1685م ـ 1724م) أحضر المطبعة عام 1706م من مدينة بكرش (بوخارست) وبعد مطبعتي قزحيا وحلب أنشئت مطبعة دير الشوير في لبنان وأسسها وحفر حرفها الشماس عبد الله زاخر عام (1680م ـ 1734م)  والمطبعة الرابعة كانت في بيروت ، وهي مطبعة القديس جاور جيوس للروم الأرثوذكس أنشأها الشيخ يونس نقولا جبيلي المشهور آنذاك بأبي عسكر ، وكان ذلك عام 1787م ، وخامس هذه المطابع كانت مطبعة الشرق في الإسكندرية عام 1800م طبعت فيها جريدة«التنبيه» في 6/12/1800  وهي الجريدة العربية الأولى ، ويبقى الدخول الأكبر للطباعة في الوطن العربي مربوطاً بحملة نابليون على مصر ، حيث أدخل معه المطبعة عام 1798م ، وخرجت تلك المطبعة مع خروج الفرنسيين أيضاً ، وبقيت مصر بعد هذا التاريخ دون مطبعة حتى عام 1819م عندما أمر والي مصر محمد علي باشا بإنشاء مطبعة في مصر ، وهي موجودة حتى يومنا هذا ومعروفة بإسم المطبعة الأميرية وقبلاً كانت تسمى مطبعة بولاق ، وتعتبر مطبعة بولاق أو المطبعة الأميرية أول مطبعة رسمية حكومية تنشأ على الإطلاق في مصر وتقام على أُسس صناعية للطباعة وتعمل على إحداث نقلة ليست نوعية فحسب بل نقلة كمية ومعرفية للعلم في المنطقة العربية بأسرها ، وقد أنشأها محمد علي في عام 1820م كما هو ثابت باللوحة التذكارية لتأسيس للمطبعة ، التي هي عبارة عن قطعة من الرخام طولها 110 سنتيمترات وعرضها 55 سنتيمتراً وقد نقشت بحيث برزت عليها الأبيات الشعرية باللغة التركية وترجمتها العربية ، وفي عهد الرئيس جمال عبد الناصر أنشئت وزارة الصناعة في عام 1956م ، وصدر قرار رئيس الجمهورية بإنشاء هيئة عامة للمطابع يلحق بوزارة الصناعة يطلق عليها «الهيئة العامة لشئون المطابع الأميرية) ولا ننسى أن آلة الطباعة ظهرت علي يد الألماني يوهان جوتنبرج ، لتتطور للطباعة الحديثة التي تطبع بها الصحف والكتب بالملايين علي الورق ، وهذا كان سبباً في تطور الحضارة وانتشار المعرفة بشتي لغات أهل الأرض ، وبعد قراءة هذا الكتاب تأكدت أن العمر قد سجل وحفظ "بحبر على ورق" ، وبه يتحقق قول سيدنا محمد    ﷺ "وعلم ينتفع به". 

♠ ♠ ♠ ا.د/ محمد موسى

0 تعليقات:

إرسال تعليق

الاشتراك في تعليقات الرسالة [Atom]

<< الصفحة الرئيسية